لعب الحجاب دوراً كبيراً في الأديان الإبراهيمية وليس الإسلام فقط، فعلى الرغم من أنه مرتبط في العقل الجمعي العالمي بدين الإسلام إلا أنه ليس كذلك، حيث كان الحجاب جزًأ لا يتجزأ من ملابس المرأة في ديانات أخرى، وعلى مر الزمان تغير شكل الحجاب كثيراً في الدول الإسلامية والعربية، حيث أصبح لكل دولة هويتها المختلفة في شكل الحجاب الذي ترتديه النساء، سنتعرف سويًا في هذا المقال عن أشياء يجب معرفتها عن الحجاب.
حجاب المرأة في المجتمعات القديمة
يتحدث الكاتب الأردني أيوب أبو دية في كتابه “الحجاب في التاريخ” عن كل ما يخص الحجاب ويبدأ بتاريخ الآشوريين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد حيث يؤكد أن الحجاب كان إلزاماً على النساء الحرائر في آشور ويلخص أبو دية أسباب تحجب المرأة في المجتمعات القديمة وهي:
- التشريع الديني المرتبط بالطقوس والكهنة والأساطير.
- ترسيخ مفهوم التمييز بين طبقات الشعب.
- عدم سيادة الأمن والاستقرار.
- الغزو وما يترتب عليه من نتائج مثل سبي النساء.
- ظهور النظام الأبوي والملكية الخاصة حيث تم اعتبار النساء والعبيد جزء من الممتلكات الخاصة.
وقد ارتدت النساء في بابل الثياب الفضفاضة الغنية بالألوان وتزينت بالجواهر والحلي، وهذا التغير يمكن أن نربطه بالاستقرار والرفاهية والأمن والمميزات الأخرى التي تمتعت بها الحضارة البابلية في ذلك الوقت من التاريخ الإنساني.
حجاب المرأة في الديانات السماوية
على الرغم من أن المرأة في اليهودية كانت ترتدي الحجاب إلا أن الديانة المسيحية هي الديانة الأولى التي فرضت الحجاب على النساء وبعد ذلك صار جزءًا من تاريخ الديانات السماوية الثلاث، ومنذ دخول الإسلام إلى شبه الجزيرة العربية انتشر الحجاب بشكل كبير وأصبح علامة مميزة للمرأة المسلمة، وعلى الرغم من أن الحجاب حين ظهر في شبه الجزيرة العربية كان مجرد غطاء للرأس والرقبة إلا أنه شكله تغير مرات ومرات فأصبح لكل دولة شكلها الثقافي للحجاب الذي يختلف عن بقية الدول.
الحجاب في إيران
بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 فُرض الحجاب على الإيرانيات من خلال عدة مراحل حيث بدأ الأمر من مؤسسات الدولة ثم امتد للنساء في الشوارع حيث ينص القانون الإيراني على أن “عقوبة عدم ارتداء الحجاب في إيران تتراوح بين دفع غرامة مالية والسجن من عشرة أيام إلى شهرين هذا بالإضافة إلى تلقي 74 جلدة”
ولكن في إيران حدثت احتجاجات واسعة بشأن الحجاب خاصة بعد وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 وذلك بعد احتجازها لمدة 3 أيام لدى شرطة الآداب بتهمة عدم الالتزام بقواعد الحجاب، وهو الحادث الذي شكل علامة فارقة في إيران حيث خلعت العديد من النساء الإيرانيات الحجاب في الأماكن العامة رفضاً لإجبار النساء على ارتداء ما تراه السلطة مناسب.
الحجاب في مصر
الحجاب ليس مجرد رمز ديني وزي للمرأة المسلمة الذي يعبر عن قناعاتها الدينية ولكنه يجسد أيضاً جزء من الظاهرة الاجتماعية حيث يمكن من خلاله تغيرات المجتمع وتقلباته الفكرية وقناعاته الثقافية؛ ففي مصر على سبيل المثال تغير شكل الحجاب على مدار السنوات؛ في البداية ارتدت النساء الملاية اللف والبرقع واليشمك والبيشة، حيث كان البرقع هو الزي الأكثر انتشاراً بين الطبقات الوسطى، فيما كان اليشمك مقتصراً على نساء الطبقة العليا.
في أواخر القرن التاسع عشر ومع أوائل القرن العشرين شهد المجتمع المصري الكثير من التطورات السياسية والاجتماعية خاصة مع دخول الاحتلال الفرنسي ومن هنا ظهرت مطالبات بخلع الحجاب والتخلي عن البرقع ومع دخول الاحتلال البريطاني وظهور الأزياء الغربية بدأت الدعوة إلى تحرير المرأة من صالون نازلي فاضل الثقافي الذي كان من أهم رواده قاسم أمين الذي ألف كتابه واسع الانتشار “تحرير المرأة”.
كان العقد الثالث من القرن العشرين في مصر بدون حجاب ولكن بعد نكسة يوليو عام 1967 وتراجع المشروع القومي المصري ظهرت دعوات بضرورة التقرب إلى الله من أجل التغلب على الشعور بالهزيمة، وبدأت انتشار الحجاب في مصر مرة أخرى خاصة بعد سفر أعداد كبيرة من المصريين إلى الخليج والتأثر بالوهابية وشكل الحجاب في دول الخليج الذي كان متجسداً في النقاب.
