منذ آلاف الأعوام وفي التراث الشعبي لأغلب الثقافات العالمية كان هناك ارتباط بين الطعام والخصوبة؛ في الصين على سبيل المثال ثمة مقولات عن ارتباط البقوليات بالخصوبة، أما في اليابان فيعد المحار منشط جنسي طبيعي، وبغض النظر عن التراث الشعبي العالمي أثبتت التجارب العلمية الحديثة أن الغذاء يؤثر بشكل كبير على الخصوبة: فالنظام الغذائي الغني بالدهون غير المشبعة والحبوب الكاملة والخضروات والأسماك يرتبط بتحسين الخصوبة – لدى كل من الرجال والنساء، بينما ترتبط الأغذية التي تحتوي على الكثير من الدهون المشبعة والسكريات بضعف الخصوبة.
كيف كيف يؤثر الطعام على الخصوبة
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حدثت طفرة هائلة في عدد المواليد بالمملكة المتحدة بنسبة تجاوزت 30%؛ حينها توصل الباحثون البريطانيون إلى نتيجة مفادها أن هذا العدد الكبير للمواليد سببه وفرة الطعام، ومع القيام بالمزيد من الأبحاث المعمقة توصلت النتائج إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على وفرة الطعام ولكن أيضًا على كمية ونوعية الطعام المتاح.
وفي هذا السياق يقول الدكتور تيم كولر، أستاذ علم الإنسان في جامعة ولاية واشنطن “قبل حوالي 300 عام قبل الميلاد كانت الذرة هي السبب في ارتفاع نسبة المواليد حيث أدت النشويات إلى تحسين توازن الطاقة لدى النساء وبالتالي أصبحن قادرات على إنتاج المزيد من البويضات” هذا وقد أجرت جامعة هارفارد دراسة موسعة عن الخصوبة شملت 19 ألف امرأة وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن عوامل مرتبطة بالنظام الغذائي مسئولة عن قرابة ثلثي حالات العقم لمشاكل مرتبطة بمرحلة التبويض.
أنواع الطعام التي تؤثر على الخصوبة
هل يمكن أن يؤدي تناول أطعمة معينة إلى زيادة الخصوبة حقًا؟ الجواب نعم ولكن من المهم أن نتذكر أنه لا يوجد حل سحري يمكن أن يؤثر على الخصوبة ولكن خيارات الطعام ونمط الحياة لها تأثير بالغ الأهمية على الصحة الإنجابية لكل من الرجال والنساء، وعليه فإن الأطعمة التي نتناولها بجانب عوامل أخرى يمكن أن تعزز الخصوبة من خلال تأثيرها على الأمعاء وتدفق الدم ومستويات الهرمونات والصحة العامة، سنشرح لكم بعض الأمثلة عن الأطعمة التي تزيد الخصوبة:
الفول والعدس
أكدت الأبحاث العلمية أن النظام الغذائي الذي يحتوي على الكثير من البروتين الحيواني يؤدي إلى تقليل كفاءة الدورة الدموية بالجسم وذلك بسبب ترسب الدهون الزائدة بالشرايين، وهو الأمر الذي يعمل بمرور الوقت على ضعف الانتصاب وجفاف المهبل، نتيجة قلة تدفق الدم المحمل بالأكسجين إلى الأعضاء التناسلية، ولهذا ينصح الأطباء باستبدال البروتين الحيواني بالبروتين النباتي الموجودة بكثرة في الفول والعدس.
فبعد مدة من المواظبة على تناول البروتين النباتي والعدس الغني بالألياف ستنخفض نسبة الدهون الثلاثية بالدم مما يحسن تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، وفي سياق متصل يحتوي كل من الفول والعدس على حمض الفوليك الذي أثبت فعاليته في تحسين الخصوبة لدى الرجال والنساء.
بذور عباد الشمس
بذور عباد الشمس المحمصة وغير المملحة غنية بفيتامين هـ، وهو عنصر غذائي أساسي يزيد من عدد الحيوانات المنوية ويعزز من قدرتها على الحركة، هذا بالإضافة إلى أن هذه البذور تحتوي أيضًا على كميات كبيرة من الزنك وحمض الفوليك والسيلينيوم – وكلها مغذيات قوية للخصوبة.
الفاكهة
الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل الفاكهة تحتوي على الكثير من فيتامين ج وحمض الفوليك مما يوفر نموًا صحيًا للجنين بعد الحمل، هذا وهناك بعض أنواع الفاكهة التي تعمل كمغذيات مضادة للالتهابات مثل توت العليق والفراولة، وهما فاكهتان تعملان على تحسين الخصوبة بشكل كبير لكل من الرجال والنساء، وقد أظهرت بعض الدراسات أن النساء اللواتي يتناولن كميات كبيرة من الفاكهة تقل لديهن فرصة الإصابة بالعقم، بشكل ملحوظ.
حبوب الكينوا
الكينوا هي حبوب كاملة مذهلة وتحتوي على الكثير من الفوائد وفائدتها الأعظم ليست في كونها خالية من الكربوهيدرات فحسب، ولكنها أيضًا مصدر مثالي للبروتين والزنك وحمض الفوليك، وهنا علينا أن نذكر أن هذه الفوائد مجتمعة لا تعزز فقط من الخصوبة ولكنها توفر أيضًا حماية قوية للأم فترة ما قبل الولادة، ناهيك عن أن الكينوا تمنحك جميع الأحماض الأمينية الأساسية التي تقدمها منتجات اللحوم دون أي إضافات قد تكون ضارة.
