يؤكد المفكر والناقد الأدبي الفلسطيني إدوارد سعيد إن الموسيقى تعطيك المجال لتهرب من الواقع، كما تساعدك على فهم الحياة بشكل أعمق، وطوال تاريخها، لم تكن الموسيقى فن مجرد ينفصل به الناس عن الواقع المحيط، ولكنها كانت دومًا مرتبطة بتراث الشعوب وتاريخها، كما كانت أداة هامة من أدوات المقاومة والنضال، وفي فلسطين تعد الأغنية محورًا هامًا من محاور تعزيز الهوية الفلسطينية. دانا صلاح، فنانة بوب فلاحي في فلسطين، وتحاول منذ سنوات تعزيز السردية الفلسطينية، عن طريق فنها.
من هي دانا صلاح؟
ولدت دانا صلاح ونشأت وترعرعت في العاصمة الأردنية عمان، حيث بدأت بتأليف الموسيقى حين كانت في التاسعة، وحين كبرت التحقت بجامعة ديوك التي تقع بمدينة دورهام في ولاية كارولاينا الشمالية الأمريكية، بعد تخرجها انتقلت دانا إلى مدينة نيويورك وهناك سمت نفسها فنانة البوب إيندي العربي “كينغ ديكو” وحصلت أغنيتها المنفردة “Move That Body” على أكثر من 11 مليون استماع عبر تطبيق سبوتيفاي، ووصلت إلى المركز السادس على قوائم iTunes Dance بالولايات المتحدة.
وخلال عام 2020 عادت دانا إلى الأردن وأصدرت أول أغنية عربية لها بعنوان “وينو” تحت اسمها الأصلي دانا صلاح، والتي حققت أكثر من مليون مشاهدة في 3 أشهر على اليوتيوب، وتمت إضافتها إلى أكثر من 1000 قائمة تشغيل شخصية على سبوتيفاي.
ما هو البوب الفلاحي؟
توضح دانا في لقاء صحفي لها، أن البوب الفلاحي ينبثق من الأرض، فالفلاح هو الذي يزرع ويحصد من الأرض، بالنسبة للفلسطينيين وبسبب أشجار الزيتون التي يملكونها بكثرة، فإن ثقافتهم وموسيقاهم متشابكة جدًا مع مصدر حياتهم وهو الأرض والزيتون، لذلك فإن الكثير من كلمات أغاني دانا وجماليتها مستمدة من الأرض ومن التقاليد والتراث الفلسطيني، وعليه فإن البوب الفلاحي هو هذا الصوت الترابي، المستوحى من دمج الفولكلور العربي التقليدي مع الآلات الموسيقية العربية الكلاسيكية والأصوات الغربية المعاصرة.
قصة مسار “راجعين”: الأغنية التي تضم أكثر من 25 فنانًا لدعم فلسطين
تؤكد دانا التي شاركت في الأغنية الشهيرة “راجعين” والتي صدرت خلال حرب غزة الحالية، أن الجميع يشعرون بالعجز والصدمة خلال الوقت الحالي بسبب ما يحدث في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، الجميع لا يعرفون كيف يمكن أن تقف هذه الحرب، وتضيف دانا أن هناك شيء يفتقده العرب بشدة سواء في مجال الموسيقى أو المجال السياسي وهو أنهم لا يبقون معًا في أوقات الأزمات، ولهذا تشعر دانا بالفخر لأنها شاركت في مسار راجعين الذي ضم أكثر من 25 فنان، ترى دانا أن اجتماعهم معاً مدعاة للفخر، كما أشعرتها التجربة بالأمل في هذا الوقت المظلم.
تحديات المرأة الفلسطينية في مجال الموسيقى
تقول دانا باعتبارها امرأة غير متزوجة، عمرها 34 عامًا، وتعمل في صناعة الموسيقى، فهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لجداتها، كما أن هناك الكثير من النساء العازبات الرائعات اللاتي يشعرن بأن الأوان قد فات في الحياة وأنهن يجب أن يكن متزوجات، “حتى عندما كان عمري 23 عامًا في نيويورك، كنت أخشى أن أخبر الناس بعمري، فالمجتمع سيجعلكِ دائمًا تشعرين كأن لك تاريخ انتهاء صلاحية” تقول دانا.
ما هو مصدر إلهام دانا صلاح؟
كانت دانا تستمع في طفولتها إلى أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ووردة مع جدتها، ومنذ أن بدأت في تأليف الموسيقى أرادت أن تستمد إلهامها من نشأتها الخاصة مثل أغاني الطفولة، أو التجارب مع جدتها التي نشأت حول ثقافتها العربية، أو التأثيرات الغربية مثل الطريقة التي يكتب بها ألانيس موريسيت أو التناغم من فليتوود ماك.
ما هو التأثير الذي تريد دانا إحداثه عبر الموسيقى؟
تحلم دانا بأن تجعل موسيقاها الناس يشعرون بوحدة أقل، سواء كانوا نساء عازبات، أو عرب في الولايات المتحدة، أو العرب في الشرق الأوسط، أو الفلسطينيين، كما تأمل أن تجذب الحشود الأجنبية لفهم التراث والموسيقى العربية بشكل أفضل، وأن تحقق الموسيقى ما فشلت في تحقيقه السياسة، وأخيرًا تحب دانا إلهام الفتيات الصغيرات وأن تجعلهن يخترن المسار الأفضل لهن بعيدًا عن خطط الكبار.
