في العالم الحديث، ومع الثقافة الرأسمالية السائدة حاليًا، غالبًا ما يتم التحامل على المرأة، وذلك من خلال مُثُل الجمال الضيقة والقواعد الصارمة بضرورة الظهور بمظهر مثالي. وهذا المظهر المثالي يشمل لون البشرة وشكل الشعر، ويمتد ليصل إلى منحنيات الجسد؛ إذ من الضروري أن تكون المرأة مثالية. والحقيقة أن تلك القيم والمثل تتجاهل تمامًا العمليات البيولوجية التي تمر بها المرأة، مثل الدورة الشهرية، والحمل، والولادة.
لهذا علينا جميعًا أن نتوقف ونتأمل معًا الجمال الأصيل للأجسام الممتلئة؛ فهي، في جوهرها، أجساد حقيقية – متنوعة، قوية، وجميلة بطبيعتها. وبعيدًا عن صيحات الموضة العابرة، والتوجهات الإعلامية، ومقارنات مواقع التواصل الاجتماعي، فإن احتضان الملامح الطبيعية وقوة الجسم الممتلئ ليس مجرد فعلٍ من أفعال قبول الذات، بل هو اعترافٌ بجوهر الإنسان الأصيل.

هناك انجذاب كيميائي أصيل نحو الأجسام الممتلئة لدى الرجال
لعصورٍ طويلة وعديدة، وفي مختلف الثقافات حول العالم، لم يكن جسد المرأة الممتلئ محل إعجاب فحسب، بل كان موضع تبجيل، وذلك لأنه كان يرمز إلى الصحة، والخصوبة، والرخاء – وهي صفاتٌ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحيوية المرأة وقدرتها على الاستمرار في الحياة. والحقيقة أن هذا التصور ترسّخ بشكل لا واعٍ في العقل الجمعي العالمي للرجال. لذلك، مهما تغيّرت النظرة الحاضرة، حين يرى الرجل المرأة الممتلئة، ثمة صوت داخلي يهمس في أذنه بأنها جميلة جدًا، وأنه يحس بالانجذاب الجسدي نحوها، كما أن هناك شرارة تعبّر عن وجود كيمياء بينه وبينها.

المرأة ذات الجسد الممتلئ وتوجهات العصر الحديث
اتجه المجتمع الحديث إلى فرض الوصاية على أجساد النساء، وظهرت قواعد غير مكتوبة تخص “الجسد المثالي”. وبالفعل، اتجهت الكثير من النساء إلى الحصول على الجمال الرشيق. وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار الأهمية البيولوجية والتاريخية للمنحنيات؛ فالجسم الطبيعي، الذي مرّ بكل منعطفات الحياة، وجرّب التطور الطبيعي، غالبًا ما يكون دليلًا على الصحة الجيدة، والقدرة على الدفء، والمرونة الطبيعية. إنه جسدٌ مُصمَّمٌ للعيش، والنمو، والازدهار، وتلقّي الغذاء.
ويمكن القول إن خرافة “أن الجسم الممتلئ غير صحي” هي خرافة عصرية خاطئة؛ فالجسم الممتلئ يشمل طيفًا واسعًا من الأشكال، والعديد من النساء الممتلئات يُجسّدن القوة، والقدرة على التحمّل، والرفاهية.
الجسم الممتلئ وفكرة تقبّل الذات
بعيدًا عن الجانب البيولوجي، هناك قيمة نفسية هائلة في تقبّل الشخص لجسده؛ فعندما تُشجَّع النساء على تقدير جمالهن الطبيعي وشكل أجسامهن، بدلاً من السعي وراء مثالٍ أعلى غالبًا ما يكون بعيد المنال، فإن ذلك يُعزّز شعورًا عميقًا بالثقة بالنفس وتقدير الذات. ومع مرور الوقت، تنتقل هذه الثقة إلى الخارج، ممّا يُمكن النساء من الانخراط في العالم بشكلٍ أكثر اكتمالًا، والسعي وراء شغفهنّ، وبناء علاقاتٍ أكثر صحّة. ويمكن القول إن الضغط المستمرّ للتوافق مع نوع جسمٍ واحد قد يكون مُرهقًا عاطفيًا، ويؤدي إلى تدنّي الثقة بالنفس، وعدم الرضا عن الجسم، ومن ثم عدم الرضا عن الحياة.
وفي المقابل، فإن إدراك أن “الأجسام الحقيقية” تأتي بجميع الأحجام، بما في ذلك الممتلئة، يُحرّر النساء من هذا العبء، ممّا يسمح لهنّ بتوجيه طاقتهنّ نحو جوانب أكثر معنىً في حياتهنّ.

صورة جسم المرأة المثالي تضعها في قالبٍ ضيق
يُشكّل الاحتفاء بالأجسام الممتلئة تحديًا للصور غير الواقعية التي تُصوّرها وسائل الإعلام الرئيسية ومنصات التواصل الاجتماعي. ومن ثم يُعدّ الاعتراف بأن غالبية النساء لا ينتمين إلى قالبٍ ضيق خطوةً أساسيةً نحو بناء مجتمعٍ أكثر شمولًا وإيجابية تجاه الجسد؛ فعندما تُقدَّر أنواع الجسم المتنوعة، فإن ذلك يُرسل رسالةً قويةً إلى الأجيال الشابة: أن شكلها الفريد مقبول كما هو، وأن الجمال ليس مفهومًا واحدًا ينطبق على الجميع.
في الختام، تكمن قيمة الأجساد الممتلئة لدى النساء في أصالتها، وقوتها، وارتباطها العميق بالحيوية البشرية؛ فهي ليست انحرافًا عن المثل الأعلى، بل هي تعبيرٌ قويٌّ وجميلٌ عن الشكل البشري. ومن خلال احتضان هذه الأجسام الحقيقية والاحتفاء بها، نسهم في بناء عالمٍ أكثر قبولًا وجمالًا حقيقيًا لجميع النساء.
